الإلزام بشراء مائة نقطة شهريًا كشرط
للحصول على العمولة
بقلم: كمال مرزوق الدوسري
تقدم
هذه المقالات ضمن سلسلة:
"الرَّدُّ عَلَى الشُّبُهَاتِ
الشَّرْعِيَّةِ حَوْلَ نِظَامِ خُطَّةِ DXN التَّسْوِيقِيَّةُ"
(4) الإلزام بشراء مائة نقطة شهريًا كشرط للحصول على العمولة
حقيقة المشكلة في هذه الشبهة هي في كلمة واحدة
وهي (شراء)، ولو كانت بدل هذه الكلمة (بيع) لأصبحت الجملة غير مشكلة
عند كثير من أهل العلم؛ ممن استشكلوا موضوع الـمائة نقطة في معاملة دي أكس أن؛ لأن
هذا النوع من المعاملة مشروع ويعرف بالفقه الإسلامي بـ (الجعالة)،
وإليكم بعض كلام أهل العلم حول الصورة القريبة من هذه المعاملة، يقول الشيخ
العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: الجعالة: هي أن يجعل شيئاً معلوماً لمن
يعمل له عملاً معلوماً، أو مجهولاً، مدة معلومة أو مجهولة، فالجعالة عقد لا يشترط
فيه العلم بأحد العوضين، وهو: أي عقد الجعالة فيه:
-عوض مدفوع: [النسبة
المقدرة على المبيعات لك ولمجموعتك حسب درجة عضويتك بالشركة]*
-وعوض معمول: [هو
تحقيقك للمائة نقطة]*
- فالعوض المدفوع لا بد فيه من العلم، والمعمول لا يشترط فيه العلم، المدفوع يكون من الجاعل. [الشركة]*
- والمعمول يكون من العامل [أي العضو ثم أنت قد تستطيع تحقيق المائة نقطة من خلال مبيعاتك أو كلاهما فلا فرق المهم تكون تحت رقمك أو قد لا تستطيع]*
والفرق بين عقد
الجعالة والإجارة:
-
عقد مطلق إن الإجارة
مع معين بخلاف الجعالة فهو يطلق فيقول: من فعل كذا فله كذا [من حقق مائة نقطة من
خلال مبيعاته أو كلاهما على رقمه فله العمولة]*.
-
عقد جائز ولهذا صارت
عقداً جائزاً.
فإن قال قائل: فيه جهالة؛ كيف تجيزون هذا العمل
مع ما فيه من الجهالة؟ قلنا: نجيزه لدعاء الحاجة إليه، وليس هو على سبيل الإلزام؛
لأن العامل له أن يدع العمل في أي لحظة شاء؛ لأن الجعالة عقد جائز، ولو لم يوجد
هذا الشيء لضاع للناس مصالح كثيرة، فمثلاً هذا الشخص ضاعت بعيره فلا يمكن أن
يستأجر شخصاً لإحضاره؛ لأن هذا الشخص لا يدري متى يجد البعير، فلم يبق إلا
الجعالة.
فإذا قال: من رد بعيري فله مائة ريال، فهنا
العوض من الجاعل معلوم، والعمل مجهول؛ لأنه لا يُعلَم أيردها عن قريب أو عن بعيد،
فربما يتعب ويظن أنه يردها في يومين ولا يردها إلا في عشرة أيام، أو ربما لا
يستطيع ردها مطلقاً، فنقول:
العمل لا يشترط فيه العلم بالنسبة للجعالة، وهذا من محاسن
الشريعة؛ لأنه قد يصعب تعيين العمل في مثل هذه الحال، فلو قال: مَنْ رد لقطتي
مثلاً من مسافة عشرة كيلو، فقد توجد في عشرة كيلو وقد لا توجد، لكن إذا جعل العوض
عوضاً عن العمل مطلقاً، والعامل حظه ونصيبه كما يقولون، فهذا لا بأس به.
فإن جعل شيئاً مجهولاً بأن قال: من رد بعيري
فله ما في هذا الكيس من الدراهم، فإنه لا يجوز؛ لأنه مجهول، لا ندري أمائة أم
مائتان أم أكثر؟ فلا بد أن يكون العوض المدفوع من الجاعل معلوماً ليكون العامل على
بصيرة.
[من يعمل 100 نقطة له 6% أو 12% أو 25%
وهكذا]*
ولو قدر أن الجاعل جعل جُعلاً كبيراً؛ لأنه يظن
أن هذه البعير لا توجد إلا بمشقة وبُعْد شُقَّة، فيسرها الله للعامل، فهل يطالب
الجاعلُ العاملَ بنقص العوض أم لا؟ الجواب: لا، نقول: هذا من رزق الله للعامل، كما
أنه لو لم يجدها إلا بعد مدة طويلة وشُقَّة بعيدة فإنه لا يطالب الجاعلَ بزيادة.
ولو قال: إذا رددت بعيري الشارد فلك نصفه، فهذا معلوم، لكنه معلوم بالنسبة [وهذا ما حددته الشركة من نسب بحسب درجات العضوية وكل هذا التفريق بالنسب مبني على أساس الجهد فقط لا غير]*؛ لأنه جزء مشاع، فلا بأس؛ كالمضارب تعطيه المال وتقول: اتجر به ولك نصف الربح، فربما يتجر به اتجاراً شاقاً عظيماً ولا يحصل ربح، وربما تظن أنه لن يربح إلا قليلاً فيربح كثيراً؛ فالمعلوم إذاً:
- إما أن يكون
بالتعيين بالعدد والوصف.
- وإما أن يكون
بالمشاع أي بالسهم.
أ.هـ "الشرح
الممتع على زاد المستقنع، المجلد العاشر "
سؤال: يوجد نظام
للمبيعات تقوم به بعض الشركات يلخص بالشكل التالي:
تعرض الشركة عمولة
على المندوب الذي يساهم معها في ترويج بضاعتها، هذه العمولة تقدر مثلا ب 10% من كل
عملية بيع، ولكن الشركة لا تقوم بإعطاء المندوب عمولته الا بعد أن يقوم ببيع كمية
معينة من البضاعة، فما الحكم في هذه المسألة؟!
الجواب: هذه
السياسات من المبيعات لا حرج فيها؛ إذ ليس فيه أن الشركة جاعلت المندوب على ترويج
قدر معين من مبيعاتها، فإن باعه استحق المبلغ المجاعل به؛ وإن لم يبعه فلا شيء له؛
وهذه المسألة تدخل في باب الجعل، وكون المندوب قد لا يتمكن من بيع القدر المعين
كاملا مما قد يسبب له التعب بدون فائدة تعود عليه لا يمنع من جواز هذه العملية؛ إذ
المعروف أن الجعالة يجوز فيها من الجهالة والغرر ما لا يجوز في الاجارة.
اسواقنا التجارية
د. محمد خير الشعال
ص253 – 254، ط1
دار الفكر-دمشق 1439-2013
وهناك كلام كثير لأهل العلم في هذا الباب،
وكلنا نتفق على أنه لا بأس بهذا الشرط، والجعالة من المعاملات التي كانت في
الجاهلية ولما جاء الإسلام أقرَّها، وعمل بها كثير من الصحابة، وفي العصر الحديث
تم تطبيق عقد الجعالة في عمليات كثيرة: التسويق، والسمسرة، وإصلاح الأراضي
واستزراعها، ولذا ينبغي مراجعة كثير من المباحث في هذا الباب في البحوث المعاصرة
والاقتصاد
الإسلامي، لكن المشكلة في (اشتراط الشراء)؛
فهل شركة دي أكس أن تشترط علينا كأعضاء نشتري من منتجاتها؟!
أم
هذه الثقافة والأدبيات من الأعضاء، حتى تظهر مصداقية المسوق للمنتج فلا يدعوا
الناس لمنتج هو لا يستخدمه كما هو حال شركات الدعاية التي تروج من أجل الحصول على
المال فقط بدون الإيمان بأهمية المنتج؛ فعندما نقوم بمراجعة النصوص الأصلية للشركة
باللغة الإنجليزية والمترجم منها بشكل رسمي عن طريق إدارة الشرق الأوسط لا نجد نص
كلمة (مشتريات) أو (شراء)وإنما كل المصطلحات المستخدمة هي(مبيعات)
مثلاً:
-
المبيعات الشخصية
-
مبيعات المجموعة
الشخصية
-
مبيعات المجموعة
النجمية
-
مبيعات المجموعة
الماسية
-
مبيعات التجزئة
-
مشاركة أرباح
-
علاوة قيادة
وتطوير
-
حوافز نقدية
لا وجود لأي كلمة تشير إلى لفظ مشتريات؛ فالمشتريات
الشخصية لا تعد مصدرًا للدخل بحسب نصوص الموثقة من أدبيات الشركة الرسمية؛ وهي كأي
شركة تثقف المسوق وغير المسوق على استهلاك منتجاتها بالجملة، وتشترط على العضو حجم
من المبيعات لاستحقاق الأرباح والدخل المالي وزيادة النسبة، وهي تتفق مع مبدأ الجعالة
كما تقدم.
قد يقو ل قائل هذا غير صحيح والممارسة تنفيه،
نقول له:
جيد، ما الحل العملي لنتأكد من صدق الشركة، مع
أنه من الناحية العملية لا فرق عند الشركة أن كان العضو اشترى الــمائة نقطة
لاستخدامه الشخصي، أو باعها كوسيط أو مسوق مباشر، وقوانين الشركة أصالة تجري على الثاني.
فهل نفرض على الشركة مثلاً برنامجًا أو جهازًا تلزم
به العضو بعدم الاستهلاك؛ أو الشراء والاستخدام الشخصي، وتلزمه بإعادة بيعه؛
بالتأكيد لا يمكن تصور مثل هذا الشيء.
فما بقي
لدينا إلا أن نوضح ما مقصود الشركة في نصوصها من المائة نقطة ويبقى خلل الممارسة أن
وُجِدَ فهو مسؤولية العضو نفسه.
لكن لو تصورنا (حالات العضو مع المائة نقطة):
الأول: (العضو
المسوق) وهو يسوق المائة نقطة أما يشتريها فيقوم بإعادة بيعها أو يسوقها من خلال
وصفها وعرض مع صوروها ومواصفاتها فيبيعها مباشرة من مراكز لمن يحتاج إليها سواء
أونلاين عبر الانترنت أو من خلال المواقع الفعلية؛ وهذا حتمًا لا مشكلة فيه.
الثاني: (العضو
المستهلك) وهو عضو يشتري المائة نقطة لاستهلاكه الشخصي لأنه محتاج لها وقدرته
الشرائية تسمح له بذلك؛ وبهذه الحالة هو وفر على نفسه احتياجاته الخاصة؛ وبنفس
الوقت حقق شرط الشركة بوجود مائة نقطة تحت رقم عضويته.
الثالث: (عضو
يستهلك ويبيع) وهذا العضو هو حالة وسط بين الاثنين يستهلك بعض ما يحتاجه ويبيع
الباقي.
في كل الحالات ما يهمنا هو شرط الشركة
بالأساس (المبيعات) وهي لا تشترط على العضو (الشراء الشخصي)
هذا من جانب؛ والجانب الآخر وهو مهم جدًا ألا يكون هذا الشرط المطلوب للمبيعات
تعجيزي بحيث يعجز عنه اغلب الأعضاء وبالتالي تبقى الشركة هي الرابح الوحيد من حجم المبيعات الذي قد لا يصل له أغلب الأعضاء ليحصولوا على الأرباح كما تفعل بعض الشركات المخادعة.
فإذا كان هدف المبيعات مُيّسر لدرجة أنه ممكن
أن يصلح لاستهلاك بعض الأشخاص؛ أو قد لا يكفي البعض فيزيد على المائة نقطة وهذا
كله يجري من غير إلزام أو تقييد؛ فهذا ميزة تعد للشركة كونها يسرت شرط الحصول على
الأرباح، وليس عيبًا مخلاً في (شرط الجعالة).
ولك أن تتصور عين المشكلة هو (شرط الجعالة) المُيّسر
للأعضاء، فأصبح بإمكانهم شراء ما يحتاجونه من غير إلزام، ويحصلون على أرباحهم؛
سببًا للحرمة والمنع! والواقع في الشركات المخادعة أنها تجعل شرط الاستحقاق للربح تعجيزيًا؛ فكيف هنا أصبح العكس هو سببًا للحرمة ؟!
والواقع من الممارسات الفعلية للأعضاء أنهم يحرصون أشد الحرص على تحقيق أرباحًا من خلال البيع لا من الاستهلاك، ويرغبون بذلك ويسعون إليه أكثر
من سعيهم لشراء المنتجات للاستهلاك الشخصي؛ الذي هو يقتصر على الاحتياج الشخصي؛
لأن الجانب الربحي متحقق بشكل أكبر في البيع لا في الاستهلاك؛ فعندما يبيع العضو على
رقم عضويته يأخذ النسبة كاملة، وكذلك يربح من جهتين فارق النسبة بين سعر العضو
وغير العضو والعائد من النقاط في نهاية الشهر مع المكافأة؛ بخلاف الاستهلاك فأنه لا يحصل إلا على نسبة التخفيض.
إذًا لماذا يحرص العضو اللبيب على "الاستهلاك
ويترك البيع" والنظام لا ينص عليه والفوائد المتحققة بحسب النظام على
البيع أفضل بكثير؟!
وعليه فالناحية
العملية من حيث الممارسة تقتضي حرص الأعضاء على البيع أكثر من الشراء؛ وهذا المبدأ
يوافق العقل والفطرة الإنسانية؛ فلماذا الأعضاء يخالفون كل هذا والشركة لا تشترط
عليهم ويشترون منتجات لا حاجة لهم بها.
فمن يشتري منتجات لا حاجة له بها، ولا يستطيع
تسويقها، ويكلف نفسه ما لا يطيق هذا خطأ ناتج من ممارسة فردية لا علاقة لنظام الشركة به؛
ولا ينبغي الترويج لمفهوم التسويق في الشركة بهذه الطريقة التي فيها نوعًا من
التغرير.
بقي لنا أن نطرح سؤالاً مهمًا وهو: هل هناك فائدة
تسويقية من استخدام المسوق للمنتج؟
الفائدة التسويقية بحسب ما يرى الأعضاء
لقناعتهم بأهميات المنتجات أن من يسوق المنتجات بلا خبرة باستخدامها لربما يسيء من
ناحيتين:
من ناحية الجهل بالمنتج وفوائده وتجارب استخدامه،
هذا قد يستلزم الكذب والتدليس احيانًا.
ومن ناحية مخالفة
القول للعمل.
ومما
ينبغي أن نؤكد عليه من مفاهيم، ونحن نبين وجه مشروعية المائة نقطة أنها:
⁃ ليست امتياز يؤهل
الشخص ليكون عضواً بالشركة؛ بل هي هدف مطلوب تحقيقه كمبيعات، وباستطاعة أي شخص الاشتراك
بالشركة بدونها.
⁃ ربط شرط المبيعات
المائة نقطة بالمشتريات الشهرية الاستهلاكية خطأ شائع فالشركة؛ لا تشترط على العضو
المسوق مشتريات شخصية؛ وإنما تشترط عليه مبيعات شهرية.
⁃ العضو المسوق مستهلكاً
للمنتجات تلازماً ولا عكس؛ فقد يكون العضو مستهلكاً ولا يسوق لعدم امتلاكه مهارات التسويق
وبناء فريق العمل؛ والفارق في هذا كله استحقاق العمولة القائم على أساس المائة نقطة؛
ودرجات التأهل.
⁃ اشتراط المائة
100 نقطة في نظام DXN يؤكد أمرين مهمين:
الأول: الجهد
الشخصي هو العامل الأساسي في تقييم واستحقاق عمولة الأرباح في الخطة التسويقية.
الثاني: إن
المبيعات الشهرية التي تشترطها الشركة هي الأساس في مصدر الدخل الناتج للأعضاء
المسوقين، ولا توجد حيله أو خدعة تسويقية لتدوير الأموال من رسوم اشتراك الاعضاء
أو غيرها.
تقبلوا تحياتي
كمال مرزوق الدوسري
______________________
* تم استخدام الأقواس المعكوفتين الكبيرة لتمييز التعليقات الخاصة عن النص الأصلي