
قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
في أجواء عالمنا العربي والاسلامي المشحون بالحروب والكراهية؛ قد نفقد عملية التوازن فيصعب علينا العيش الطيب، والحياة الطيبة.
انتجت هذه الحالة التي نعيشها تفاعل انساني غير متوازن حتى عند الأشخاص الذين يحققون إنجازات أو نجاحات على المستوى الشخصي، وحتى عند من يتمتَّع بكل الشهوات المادية، تجد أكثرهم آلامًا نفسية، وأكثرهم قلقًا نفسيًّا، وأكثرهم ضجرًا بالحياة.
الشحنات المحيطة بنا تغذينا بخلق الكراهية للآخر، والتشاؤم للأسف الشديد !
الفهم الخاطئ لمعنى العمل الصالح:
لأن العمل الصالح أكبر من مفهوم القيام بالواجبات من العبادات فقط؛ بل يشمل مساعدة الآخرين، وإشاعة السلام، والأبتسامة، والتعاون، وإماطة الأذى عن الطريق، وفعل كل ما يلزم منه الإصلاح والنفع وإدخال السرور على الآخرين.
قد يتصور البعض المعنى القرآني للحياة الطيبة هو مرتبط في العبادات المحضة فقط من العمل الصالح وهذا غير مقصود حصرًا وقطعًا وحده ؟!
ومن لطائف النص القرآني
أن تكون كلمة (صَالِحًا) نكرة، وليست معرفة، لتأكيد المعنى الشمولي في العمل الصالح؛ لأن النكرة تفيد العموم، بمعنى أي عمل صالح من أي شخص كان، لهذا احتيج إلى تقييدها بشرط آخر بعد العموم (وَهُوَ مُؤْمِنٌ)؛ فكأن السامع لهذه الآيات يفهم أن موضوع العمل الصالح في الحياة الطيبة في هذه الآية أصلا متأكد في الجانب المادي الإنساني العام أكثر من الجانب التعبدي المحض كالشعائر والعبادات؛ لهذا اشترط معها حال الإيمان لتكتمل الحياة الطيبة بالجانب الإيماني (المعنوي والروحي).
فما أجمل هذا الدين، وما أسعد من وفقه الله لهذا الفهم والعمل !
واقع المجتمعات المعاصرة :
- بعد كبير عن الإيمان الحقيقي الذي يسعد الروح ويأنسها بالله والقرب منه سبحانه وتعالى
- تنافس اجتماعي طبقي على أساس طائفي، أوعرقي أو مالي
- ضغوطات بالعمل، وبطالة مقنعة
- انهيارات فردية وأسرية
- تخبط وفوضى اجتماعية.
كلها جعلتنا نعيش في حالة (اللاواعي) عقولنا مشحونة بالأفكار السلبية الغير منتجة؛ بسبب هذه الملفات الذهنية.
الحلول والإجراءات:
- يجب أن نتعلم كيف نعمل بشغف، ونتعامل مع الآخرين بحب واحترام.
- ونتحرر من الشحنات السلبية المدمرة ونخرج من حالة اللاواعي التي تديرها ملفات الواقع المؤلم السلبي.
هذا الجمال الحقيقي والطبيعي للإنسان؛ جمال الدنيا بجميل العلاقة مع الله، وعباده الصالحين فاقضها كما وصفها ربك (طيبة) والطيب: ما يطيب ويحسن، وضد الطيب: الخبيث والسيئ، وهذا وعدٌ بخيرات الدنيا، وهو من سنن الله الكونية لمن يقوم بشروط الوعد
وبخلاف ذلك لن تتحول مجتمعاتنا إلى مستقبل أفضل.
تعزيز واقعنا الإيجابي يكون بالعيش في الحياة كفرصة لتحقيق الأفضل بما يرضي الله عزوجل، وأعمال نعملها بحب ومتعة، واشخاص نحترمهم ونحبهم لأنهم يبادلوننا نفس المشاعر.